المقدمة
النسبية العامة:
(تُعرف أيضًا باسم النظرية العامة للنسبية) هي النظرية الهندسية للجاذبية نشرها ألبرت أينشتاين سنة 1915 والوصف الحالي للجاذبية في الفيزياء الحديثة. تعمل النسبية العامة على تعميم النسبية الخاصة وتنقيح قانون الجذب العام لنيوتن، حيث تقدِّم وصفًا موحَّدًا للجاذبية خاصية هندسية للمكان والزمن، أو الزمكان. وبشكل خاص، يرتبط انحناء الزمكان بشكل مباشر بالطاقة والزخم أيًا كانت المادة والإشعاع الموجودان. يتم تحديد العلاقة بواسطة معادلات حقل أينشتاين، وهو نظام من المعادلة التفاضلية الجزئية.
المرجع: https://ar.wikipedia.org/wiki/النسبية_العامة
"ما الزمان إذن؟ عندما لا أُسأل عنه، فأنا أعرفه؛ لكن إذا سُئلتُ عنه، فأنا لا أعرفه أبداً" هذا ما خَلَص إليه فيلسوف العصور المظلمة (الأمازيغي الأصل)، القديس أغسطينوس، في وصفه للزمن. وهو تلخيص يعبر عن شعور معظمنا عندما نفكر في هذا المفهوم. فالزمن هو ذلك النهر الجارف الجبار الذي لا يستثني شيئا ولا ينتظر أحدا، وهو الذي يمضي قدما حاملا معه الكون وكل ما فيه على عُباب تياره الجاري أبدا في اتجاه واحد. وهو ذلك الامتداد الذي نخطُّ على صفحاته أحداث حياتنا لحظة بعد لحظة، فهو محور وجودنا الذي نعيشه؛ نتفكّر الماضي ونحيا الحاضر ونترقب المستقبل. لكن هل هو موجود بالفعل؟ كيف يكون موجودا والماضي قد تولى والمستقبل لم يأت بعد والحاضر وميض لحظة تمر بلمح البصر؟ وإذا كان موجودا فما هو؟ وكيف علينا أن نفكر به؟
أسئلة مشابهة تواجهنا أيضا عندما نفكر في الفراغ؛ ذلك الحيز الهندسي الذي يحوينا، ويحوي معنا كل شيء في الكون. إنّه المسرح الذي تدور على خشبته أحداث الحياة، فنحن أبناء وبنات مكاننا وزماننا. ولكن هل الفراغ شيء حقيقي؟ أم قد ابتكرناهُ كأداة تسهل علينا فهم العالم حولنا؟ لنتخيل كونا فارغا إلا من جسم واحد، ماذا يعني عندها مكان الجسم؟ واضح أنه من الصعب أن نتحدث عن مكان مثل هذا الجسم الوحيد، فعادة، نحن نحدد موقع أي جسم نسبة للأجسام الأخرى التي حوله. لا نستطيع أن نعرف أيضا، ما إذا كان ساكنا أو متحركا بسرعة ثابتة. وماذا يحدث إذا كان الكون خاويا تماما، ماذا نعني عندها بالفراغ؟
شغلت هذه الأسئلة عن الزمان والمكان وجوانبها الفلسفية والفيزيائية والسيكولوجية العديدة، أعظم العقول على مرّ التاريخ. هناك إجماع بين الفيزيائيين والفلاسفة بأن الزمن والفراغ موجودان موضوعيا. فالزمن بحسب تجربتنا يسير رتيبة منتظمة وثابتة في اتجاه واحد؛ كذلك الفراغ، فهو مرتب بشكل منتظم وله ثلاثة أبعاد. والاثنان، الزمان والمكان، ينتجان بشكل طبيعي عن قوانين الفيزياء. ابتدأت دراسة الزمن والفراغ فيزيائيا بشكل عملي مع جاليليو الذي افترض أن وتيرة الزمن، مثلها مثل الأبعاد (في الفراغ) والكتل، هي شيء مطلق لا يتغير بتغيير المراقب وسرعته. فالزمن يمر بنفس الوتيرة بالنسبة لنا إذا كنا جالسين على كرسي في منزلنا، أم مسافرين على متن طائرة أو نعيش على كوكب آخر يقع على بعد ملايين السنين الضوئية في هذا الكون الشاسع كذلك الأمر بالنسبة للأطوال (البعد بين نقطتين) التي تبقى نفسها بغض النظر عن موقعها وبأي سرعة تسير، إضافة إلى ذلك، الزمن والفراغ بحسب جاليليو يمتدان من مالانهاية إلى ما لانهاية، فهما حقيقيا ومنفصلتان عن بعضهما بشكل لا يقبل الشك. وعليه، ففي ميكانيكا نيوتن ،حيث الزمان والمكان هما حجران أساسيان، يفترض أنهما مُطْلقان و مستقلان عن بعضهما وعن وجود أي مراقب يرصدها.
واجهت افتراضات نيوتن وجاليليو اعتراضات من بعض المفكرين وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني غوتفريد لايبنتز (Gottfried Leibniz)، الذي جزم بأن الزمن والفراغ لا يحملان معنىً من غير الأحداث والأجسام التي تشغلها. من جهته، اعتقد إرنست ماخ (Ernst Mach) بأن مفهوم الزمن والفراغ المطلقين هما مفهومان ميتافيزيائية ليس لهما مكان في الواقع لأنهما يقاسان دائما بشكل نسبي، أي نسبة لحدث وموقع معينين. على الرغم من هذه الاعتراضات بقي التوجه النيوتوني هو السائد بلا منازع في عالم الفيزياء والفلسفة، حتى أتى شاب يعمل خارج المعاهد الأكاديمية، في مكتب تسجيل براءات الاختراع في مدينة برن السويسرية، اسمه ألبرت أينشتاين، ليُطيح بمفاهيم جاليليو ونيوتن بعرض الحائط.
كتب أينشتاين سنة 1905، وهي سنة تعرف بالسنة الأعجوبة (Annus Mirabilis)، أربعة مقالات أحدَثَ كلّ منها انقلابا هائلا في المجال الذي يبحثه. المقال الأول بحث في التأثير الكهروضوئي (photoelectric effect) وفسر فيه ظاهرة انطلاق تيار كهربائي من مواد معينة حين تقع عليها أشعة الضوء، من ضمنها ما نسميه اليوم بالخلايا الشمسية. كان هذا المقال أحد أهم الأعمال التي مهدت الطريق لميكانيكا الكم (انظر مقالي حول هذا الموضوع بعنوان: "شيء من عدم"). المقال الثاني الذي نشره أينشتاين في هذا العام كان حول الحركة البراونية (Brownian motion) التي تصف الحركة العشوائية التي يشهدها جسم صغير يعوم في وسَطٍ سائلٍ أو غازيٍ. وقد بيّن أينشتاين أن مصدر هذه الحركة هو اصطدام هذا الجسم بجزيئات أو ذرات السائل، حاسما بهذا بشكل نهائي إشكالية وجود الجزيئات والذرات التي كانت محط شك لدى العديد من العلماء. أما المقالات الثالث والرابع فقد طور بهما نظرية النسبية الخاصة، التي قلبت مفاهيمنا حول الزمن والفراغ والمادة والطاقة وغيرها من الفرضيات المسلّم بها في الفيزياء الكلاسيكية. من الطريف في الموضوع أن اينشتاين مُنح جائزة نوبل عن المقال الأول (الذي يتعامل مع التأثير الكهروضوئي) وليس عن النظرية النسبية الخاصة بسبب الصعوبة في رصد عواقبها مخبريا. هذا مع العلم أن كل مقال من المقالات الأربعة لوحده كان يستحق مثل هذه الجائزة.
في هذا المقال سوف اتطرق باقتضاب إلى تاريخ النظرية النسبية الخاصة وأشرح فرضياتها الأساسية، كما وسنعرض أهم نتائجها وإسقاطاتها على فهمنا للطبيعة وأصف العلاقة الحميمة بين الزمن والفراغ (ما نعرفه بالزمكان) وخصائصهما. وأنهى بتساؤلات عن جوهر الزمن وعلاقته بالجاذبية التي دفعت بأينشتاين إلى اكتشاف النظرية النسبية العامة بعد عقد من الزمن.
تحويل جاليليو وسرعة الضوء:
وضعت نظرية بطليموس الكرة الأرضية، ومعها الإنسان، في مركز الكون. وافترضت بأن مركز الأرض ساكنا بحيث يتحرك كل شيء نسبة لها وتدور أفلاك السماء حولها. فهي تزودنا بفراغ مطلق، مِحْوره مركز الأرض (الثابت) ونهايته فلك مدار النجوم الذي يخطّ حدود الكون. لكن مع صعود نظرية كوبرنيكوس، خُلِعت الأرض عن عرش مركزيتها وتحولت إلى مجرد كوكب من بين الكواكب التي تدور حول الشمس. أدرك العلماء وعلى رأسهم جاليليو أن هذا التغيير الثوري يعني أن موقع المراقب للطبيعة وحركتها قد يغير رؤيته للكون ويعطيه انطباعا مختلفا لما هي عليه، وإلّا كيف نفسر شعورنا بأن الأرض ساكنة وهي في الحقيقة تدور حول الشمس بسرعة 30 كيلومتر في الثانية (حوالي 110000 كيلومتر في الساعة). لهذا ابتدأ الفيزيائيون الأخذ بعين الاعتبار موقع وسرعة وتَسارُع المراقب الذي يرصد تصرفات المجموعات الفيزيائية، وبشكل خاص، مراقب يسير بسرعة واتجاه ثابتين، وهو ما يسميه الفيزيائيون بِـ "الإطار المرجعي القصوري" (انظر الملحق 1 لبعض الإسهاب في هذا الموضوع).
هذا وقام جاليليو بعدة تجارب نتج عنها المبدأ التالي: تظهر قوانين الفيزياء مماثلة تماما بالنسبة لمراقبين يسيرون بسرعٍ ثابتة نسبة لبعضهم البعض. هذا هو قانون النسبية الذي استعمله أينشتاين ومنه أخذت نظريته واسمها ولكن جذوره في الحقيقة تعود لجاليليو. يجدر التنوية بأن هذا المبدأ غير صحيح بالنسبة لشخص يتسارع لأنه يشعر بقوى مجهولة المصدر مثل زيادة ونقصان الوزن التي نشعر بها عندما استعمل المصعد أو مثل القوة الطاردة عن المركز التي نشعر بها على المنحنيات ونحن نسوق السيارة. لمزيد من التفاصيل انظر الملحق 1.
فلنفكر الآن كيف يظهر جسم يسير بسرعة ثابتة إذا ما راقبه شخصان، يسير كل منهما بسُرعةٍ ثابتةٍ مختلفة. لتسهيل التفكير في هذا الوضع لنتخيل ثلاثة أشخاص، الأولى إمرأة تقف على الرصيف ساكنة، والثاني رجل يركب سيارة سوداء تسير بسرعة 30 كيلومترا في الساعة مبتعدة عن المرأة والثالث شاب يركب في سيارة بيضاء تسير بنفس اتجاه السيارة السوداء التي يركبها الرجل وتسير بسرعة 20 كيلومترا في الساعة بالنسبة له، أي بالنسبة للسيارة السوداء (كما في الصورة). ما هي إذن سرعة السيارة البيضاء التي يركبها الشاب بالنسبة للمرأة التي على الرصيف؟ من الواضح أنها 50 كيلومترا في الساعة. استعملنا هنا ما يعرف بتحويل جاليليو للسرعة وهو تحويل يقضي بأن السرعة، v بالنسبة للمرأة الساكنة تساوي مجموع سرعة السيارة السوداء التي تسير بسرعة ثابتة نسبة للمرأة، V، زائد سرعة السيارة البيضاء بالنسبة للسيارة السوداء، 'v (أنظر الرسم). أي أننا عندما ننتقل من إطار مرجعي قصوري لآخر، تتغير بالنسبة لنا سرعة الأجسام بحيث يجب أن نجمع أو نطرح السرعة النسبية بين الإطارين القصوريَيْن (’v= V+v). و تتماهى هذه النتيجة، المعروفة كما ذكرنا باسم تحويلات جاليليو، مع تجربتنا اليومية وبديهيّتنا الأساسية وهي إحدى الخصائص المركزية للميكانيكا الكلاسيكية.
يجدر التنوية بأن إحدى الصفات الأساسية لِتحويلات جاليليو هي أن الزمن مطلق، أي لا يتغير عندما ننتقل من إطار مرجعي معين لآخر.
الضوء والأثير:
بقيت تحويلات جاليليو، حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، هي التحويلات المعتمدة من غير منازع بحيث تخضع لها جميع قوانين الفيزياء الأساسية التي لا تتغير عندما نُخضعها لهذه التحويلات. لكن في بداية الستينيات من القرن التاسع عشر، نشر جيمس كلارك ماكسويل (James Clerk Maxwell) −أعظم فيزيائيو القرن التاسع عشر− مقالا عن النظرية الكهرومغناطيسية ، عرض خلالها قوانينه الأربعة التي تحكم هذه الظاهرة وألحقه عام 1865 بمقال آخر بعنوان "نظرية ديناميكية للحقل الكهرومغناطيسي" (A dynamical theory of the electromagnetic field) الذي وضع به نظريته بشكل متكامل، والتي تضمنت وصفا للضوء على أنه أمواج كهرومغناطيسية. حظيت نظرية ماكسويل بنجاح هائل في وصفها لجميع الظواهر الكهرومغناطيسية وسريعا ما اتخذت موقعا مركزيا في صرح قوانين الفيزياء الأساسية للطبيعة.
لكن إضافة لذلك، حملت معادلات ماكسويل في طياتها مفاجئة كبيرة، فهي، بعكس كل قوانين الطبيعة التي كانت معروفة في حينه، تتغير عندما نخضعها تحويل جاليليو. وبالتحديد عندما ينظر إلى نفس المجموعة الكهرومغناطيسية مراقبان مختلفان يتحركان بالنسبة لبعضهما بسرعة ثابتة، إذ تكون عندها لسرعة الضوء، التي تتنبأ بها هذه المعادلات نفس القيمة لكل منهما، مما يشكل تحديا واضحا تحويل جاليليو.
لحل هذه الإشكالية لجأ الفيزيائيون لمفهوم "الأثير" وهو مصطلح أخذ في تاريخه معانٍ عديدة. تعود جذوره إلى فيزياء وعلم الكون عند أرسطو طاليس التي وضعها في كتابه "في السموات" (De Caelo) والتي بها قسّم الكون إلى قسمين: الأول، هو الأرض والمنطقة التي تحيط بها (terrestrial sphere) والتي تمس مدار القمر الذي كان يعدّ كوكبا سيارا. والثاني، هو قبة السماء (celestial sphere) التي تبدأ من القمر وتحوي كل ما نراه من كواكب (من ضمنها الشمس والقمر) ونجوم أخرى. يتكون القسم الأول، أي الأرض التي هي موقع الحركة غير المتكاملة والمشوهة، من أربعة عناصر هي التراب والماء والنار والهواء. وتتحرك هذه العناصر بخطوط مستقيمة إلى أعلى وأسفل. أما القسم الثاني، أي قبة السماء فيدور كل شيء بها في دوائر متكاملة ونمط يعود على نفسه بشكل دوري ودقيق كل ليلة. السبب في هذه الحركة المتكاملة، حسب أرسطو، هو أن الأجرام السماوية مصنوعة من الأثير، العنصر الخامس في فيزياء أرسطو وهو العنصر الكامل الذي يسير دائما بحركة دائرية متكاملة ودقيقة جدا.
بعد الثورة الكوبرنيكية تهاوت فيزياء أرسطو وأصبحت عناصرها الأساسية بغير قيمة، ولكن لسبب أو آخر استمر الفيزيائيون في استعمال مفهوم الأثير بشكل يحمل معانٍ متشابهةٍ، ولكنها ليست متطابقة، لعنصر أرسطو. مثلا، استعمل نيوتن هذا المصطلح للتغطية على نواقص تجريبية ومبدئية في نظرياته المختلفة. لقد نصّت نظريته حول الضوء بأنه مكوّن من جسيمات صغيرة جدا تسير بسرعة كبيرة، مما مكّنه من تفسير ظواهر عديدة مثل انعكاس الضوء ومساره المستقيم وغيرها. لكنها عجزت عن التعامل مع انكسار الضوء، مما حدا به لافتراض وجود الأثير لتعليل تصرف جسيمات الضوء المخالفة نظريته. مثال آخر هو نظريته حول الجاذبية التي أوجبت وجود فعل بين أجسام عن بعد (action at a distance)، من غير وسيط واضح لتوصيل هذا الفعل من مكان إلى آخر، مثل قوة التجاذب بين الشمس والأرض. وهذا ما عارض نظرته الميكانيكية للكون حتى انه قال: "[الفعل عن بعد] بالنسبة لي هو سخافة كبيرة فلا أعتقد أن ينغرّ بها أي شخص قادر على التفكير في الأمور الفلسفية"1. لتوفيق نظريته عن الجاذبية مع فلسفته الميكانيكية تخيّل نيوتن هنا أيضا أن الأثير هو الوسيط الذي ينقل هذه القوة بين الأجسام البعيدة.
في بداية القرن التاسع عشر، نشر توماس يونغ نتائج أبحاثه التي بين بها خطأ نظرية نيوتن عن الضوء، والتي كانت النظرية المقبولة في حينه، وأن الضوء هو في الحقيقة موجه. كان الاعتقاد السائد حينها بأن الأمواج تحتاج لوسط تنتقل من خلاله من مكان إلى آخر، مثل أمواج البحر التي تسير في الماء وامواج الصوت التي تنتقل في الهواء. لكن ما هو الوسط الذي يسير من خلاله الضوء؟ وكيف يصلنا ضوء النجوم البعيدة؟ هنا أيضا لجأ العلماء لمفهوم الأثير الذي يتخلل الفراغ في كل مكان في الكون لكي يفسروا نظرياتهم حول الضوء (يعود هذا أصلا للعالم الهولندي ابن القرن السابع عشر كريستيان هاو خنس Christiaan Huygens). وعندما اكتشف ماكسويل معادلات النظرية الكهرومغناطيسية وأتضحت مشكلة سرعة الضوء ومخالفتها تحويلات جاليليو كان من الطبيعي أن يلجأ العلماء هنا أيضا لمفهوم الأثير مرة أخرى. لن أدخل هنا في صفات الأثير في مثل هذه النظريات، إلا أنني أذكر أنها تطلّبت وجود إطار مرجعي مطلق للفراغ يكون الأثير ساكنا بالنسبة له ويتحرك به الضوء بسرعة ثابتة.
لكن إذا كان هناك إطار مرجعي مطلق نستطيع مبدئيا أن نقيس سرعته بواسطة قياس سرعة الضوء المنطلق من جسم متحرك بالنسبة للأثير. هذا بالضبط ما حاول قياسه العالمان الأمريكيان ألبرت ميكلسون و إدوارد مورلي في التجربة المشهورة المعروفة باسمهما. وهي تجربة بسيطة، يصفها الرسم المرفق، تحوي مصدر ضوء يطلق أشعته على نصف مرآة (كالمرآة التي تستعمل في غرف التحقيق) تشكل زاوية 45 درجة مع اتجاه الضوء بحيث تعكس نصف الضوء بزاوية قائمة نسبة لاتجاهه الأصلي (السهم الأزرق رقم 1 في الرسم المرفق) وتسمح لنصفه الآخر بالمرور (السهم الأحمر رقم 1 في الرسم المرفق). ينعكس الشعاعان على مرآتين عاديتين تبعدان بعدا مطابق تماما عن نصف المرآة (الصفراء). بعد الانعكاس عن المرآة ينعكس جزء من الشعاع المبين بالسهم الأحمر (رقم 2 في الرسم) على نصف المرآة ويكمل طريقه إلى جهاز القياس، بحيث ينضم إلى الشعاع المبين باللون الأزرق (رقم 2 في الرسم) والذي يمر جزء منه من خلال نصف المرآة (الصفراء) ويبقى في خط مستقيم. إذا كان الضوء له نفس طول الموجة بالضبط وكان هناك اتساق (coherence) تام بين كل الأمواج التي تخرج من المصدر، يستطيع عندها جهاز القياس بأن يحدد إذا ما كان أحد هذين الشعاعين (المبيّنين بالأسهم الحمراء والزرقاء في الرسم) قد وصل إليه أسرع من الآخر.
تخيل الآن أن مجموعة التجربة في حالة سكون بالنسبة للأثير (القسم اليميني من الرسمة) عندها يكون طول المسافة التي يعبرها الشعاع الأزرق حتى يصل إلى جهاز القياس هي نفسها، لهذا لا يسجل جهاز القياس أي فرق بين سرعة وصول الشعاعين. بالمقارنة إذا ما كان الجهاز يسير بسرعة معينة (V)، مثلا، نتيجة لحركة الأرض بالنسبة للأثير عندها نتوقع حسب تحويل جاليليو أن يسير الشعاع الأزرق مسافة أكبر من الشعاع الأحمر لأنه مساره يشكل زاوية صغيرة لم تكن موجودة في الحالة الساكنة (كما يظهر في القسم اليساري من الرسمة). لهذا، وفي هذه الحالة، نتوقع أن يصل الشعاع الأزرق بعد الشعاع الأحمر لأنه يقطع مسافة أكبر. لكن المفاجأة الكبرى كانت أن الشعاعين يصلان إلى جهاز القياس معا دائما، بغض النظر عن سرعة مجموعة القياس واتجاهها.
أحدثت هذه التجربة مفاجئة كبيرة في مجتمع الفيزيائيين لأن أسهل تفسير لنتائجها هو أن للضوء نفس السرعة بالنسبة للمجموعة الساكنة والمجموعة المتحركة وأنه ليس هناك حاجة أبدا فرضية الأثير. ضرب هذا بعرض الحائط ثوابت أساسية لنظريات الفيزياء السائدة في حينه: صحة تحويلات جاليليو ووجود الأثير في كل مكان. كان اعتقاد الفيزيائيين في حينه بوجود الأثير اعتقادا راسخا بالرغم عدم وجود أي سبب أساسي لوجوده لأنه مكنّهم من فهم عدد من الظواهر الأساسية في الفيزياء، معادلات ماكسويل للظاهرة الكهرومغناطيسية وطبيعة الضوء وانتشاره وغيرها، من دون الحاجة إلى تقويض مبنى قوانين الفيزياء الذي اعتقدوه راسخا. لهذا كانت هناك محاولات كثيرة للتوفيق بين نتائج التجربة ومفهوم الأثير تضمنت معظمها إحداث تغييرات طفيفة على صفات الأثير لتعيد انسجامها مع القياسات الجديدة. لعل أشهر هذه المحاولات كانت محاولة العالم الهولندي هندريك لورنتز (Hendrik Lorentz) التي اقترح بها تحويلات لورنتز الشهيرة التي استعملها أينشتاين لاحقا في النظرية النسبية الخاصة لاستبدال تحويلات جاليليو. لكن هذه الأزمة مهدت الطريق أمام الفيزيائيين لحذف مفهوم الأثير من قاموسهم العلمي بالضبط كما حصل سابقا الفيزيائية النظرية الحرارية الذين ابتكروا السائل الحراري (caloric fluid) لتفسير إنتقال الحرارة في الأجسام رفضوه لاحقا لصالح نظرية الديناميكا الحرارية (thermodynamics) وكما فعل الكيميائيون الذين ابتكروا عنصر النار أو الفلوجستون (phlogiston) من أجل تفسير اشتعال المواد والذي أيضا رفضوه لاحقا عندما اكتشفوا دور الأكسجين في عملية الاحتراق الكيميائية.
الخلاصه:
الملائكة مخلوقة من النور = الضوء
لذلك يحكم تحركها قوانين الضوء
يمكن للملائكة السفر عبر المكان بأقصى سرعة ، و ثبات تحركها فى المكان الصفر
يمكن أن نستنتج قدرة الملائكة على السفر عبر حدود الزمن من ماضي او حاضر او مستقبل
عند موت الانسان يتوقف تحركة على محور المكان و تتساوى سرعتها مع سرعة الملائكة
لذلك لا نستطيع أن نرى روح المتوفى لأنه لا يمكن أن ينطبق عليه حدودنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق